- رونار الثعلب المخلص

لكل منتخب قصة مع المدربين الذين تعاقبوا على تدريبه لكن قصة  المنتخب المغربي غريبة جدا حيث كانت مليئة بالتغييرات الكثيرة و فارغة من النتائج الجيدة لأن أجمل حقبة للقصص الجميلة للمنتخب المغربي انتهت سنة 2004. و منذ ذلك الحين الى سنة 2012 لم يعش المغرب أي جديد سواء تعلق الأمر بالمدرب أو بالنتائج.
في سنة 2012  ذهب غيريتس بأمواله  الطائلة  بعد أن فاز على الجزائر برباعية نظيفة ثم أتى الطاوسي بعد تفوقه افريقيا مع المغرب الفاسي و ظن المغاربة أن الاطار المحلي يجري في دمه حب الوطن لكنه لم يجدي نفعا.  فتذكرت الجامعة حينها  انجاز بادو الزاكي مع  المنتخب  سنة 2004  اذ وصل المغرب  الى الدور  النهائي من كأس افريقيا للأمم و  تعاقدت  معه في  شهر ماي 2014 على أمل اعادة نفس السيناريو. و كان  المغاربة قد  تفائلوا بقدومه لأن  المنتخب  كان  يسير في الطريق  الصحيح  رغم أنه كان  متذبذب المستوى  من  مباراة  الى  أخرى. لكن  النقطة  التي  أفاضت  الكأس  هي  أنه  كثير  المشاكل  مع  اللاعبين خاصة  الذين يمارسون مهامهم  خارج أرض الوطن.
في فبراير 2016  تفاجىء  الجميع  باقالة  الجامعة  لبادو الزاكي  من منصبه  و تعيين  هيرفي  رونار مكانه. رغم  أن مهنة رونار  كانت  هي  الفوز  بكأس افريقيا مع أي منتخب يدربه حيث فاز باللقب مع  زامبيا  ثم  الكوت ديفوار،لم  تقنع  المغاربة بل  كانوا  ينتظرون  منه  الفوز  بالكأس  بمجرد  توليه  المنصب و كأنه  يحمل  عصا  سحرية.و الغريب أنهم أعطوا الفرصة لكل المدربين  الا هو  الذي وضعوا عليه ضغوطات كبيرة.
 لو  رجعت  بنا  الذاكرة  الى  الوراء  سنميز  الفرق  بين  لعب لاعبو المنتخب في الفترات السابقة  و في هذه  الفترة  رغم  وجود  نفس اللاعبين. رونار  الرجل  الهادىء  كان  يعمل  في  صمت  رغم  الانتقادات  حيث  عمل  على  ترسيخ  معنى  روح  الفريق  و  معنى  اللعب للمنتخب  المغربي  و  خلق  فريقا  متجانسا  لا يعتمد  على  الأسماء  البارزة أو  النجوم  المتألقة  بل  يعتمد  على  الاتحاد  و  القوة  و  القتالية  و  عدم  الغرور  بالنتائج  الايجابية. و الى حد الآن  هرفي  انسان  متواضع.   حتى  في تصريحاته  يشجع اللاعبين و دائما  ما  ينسب  الفوز الى جهودهم  و  يعترف أنه   المسؤول الأول  عند  الخسارة  أو  التعادل. رونار  المدرب  الأول  الذي أهل  الأسود  الى  الدور الثاني  من كأس  افريقيا  بعد  اثنتا  عشر  سنة  من  الاخفاقات. و ها هو  الآن  ذاهب  بالأسود  الى  كأس  العالم بعد  تسع عشرة  سنة  من  الغياب.
كلمات  الشكر  وحدها  لن  توفي  هذا  المدرب  حقه  و  هو  المدرب  الوحيد الذي  يناقش  المغاربة  راتبه  الشهري و لا اختياراته  للاعبين  لأنه بكل بساطة  حقق لهم  حلما  كان  يبدو بعيدا.
أن  تجد  مدرب  أجنبي  يبكي  فرحا  للتأهل  فاعلم أنه لا  يقدر  بثمن.  و نعم  المدرب رونار، ستبقى في أذهان  الشعب المغربي  مدى  الحياة. 

Comments