إنييستا... الرسام رحل و لوحاته ستظل عالقة بالأذهان

في الليلة الظلماء يفتقد البدر. لكن ليلة برشلونة يوم السبت الماضي لم تكن مظلمة، بل كانت مضيئة و ساطعة. ليلة تميزت بالأداء المبهر و الخماسية المدوية أمام إشبيلية الذي عاش لحظات عصيبة في نهائي الكأس. ليلة كان فيها برشلونة هو الملك، بتتويجه بطلا لكأس ملك إسبانيا للمرة الرابعة على التوالي و الثلاثين في تاريخه، و هو الرقم الأعلى في القارة الأوروبية. إلا أن العد التنازلي لرحيل البدر أفسد الفرحة و أظلم الليلة.
انييستا لم يأب الرحيل دون تقديم درسه السحري ما قبل  الأخير. فأبهر الجميع بأدائه و بإصراره على تسجيل هدف في آخر نهائي له مع برشلونة، ليسدل الستار على حكاية دامت ستة عشر سنة مع البارسا.
حكاية تخللها الفرح و الحزن، النجاح و الفشل، التأهل و الإقصاء و السقوط و النهوض. و الأهم أنها كانت مليئة بالألقاب الجماعية فإنييستا أكثر لاعبي البارسا تتويجا بواحد و ثلاثين لقبا. بالإضافة إلى ثلاثة ألقاب مع المنتخب الإسباني: البطولة الأغلى و الأجمل و الأكمل كأس العالم سنة 2010 و بطولتي كأس أمم أوروبا 2008 و 2012. أما الألقاب الفردية، فإنييستا ظلم كثيرا خلال مسيرته في إسبانيا حيث لم يفز بجائزة أفضل لاعب في أوروبا إلا مرة واحدة سنة 2012 و لم يفز قط بجائزة أفضل لاعب في العالم. فكيف للرسام أن لا يفوز على الأقل بكرة ذهبية واحدة، لما أدهش به العالم من مهارات و أداء.
إن دلت دموع إنييستا بعد استبداله في آخر دقائق المباراة على شيء، إنما تدل على حب الاعب لهذا النادي، روح انتمائه،إخلاصه للشعار، أخلاقه العالية، إلتزامه الكبير و احترامه للجمهور. و هي اللحظة التي أثرت في جميع محبي كرة القدم عامة، و بالخصوص مشجعو البارسا الذين طالما رافقهم الخوف و القلق من مشاهدة هذا الكابوس على أرضية الواقع.
حلم إنييستا، كان اللعب لبرشلونة مدى الحياة أو بالأحرى الإعتزال في النادي الذي ترعرع فيه. لكن لكل بداية نهاية،انييستا قال وداعا لهذا الحلم،و نحن نقول وداعا للوحات الفنية، وداعا للعزف الكروي، وداعا لمثال عظيم يستحيل تعويضه بين ليلة و ضحاها. شكرا بكل لغات العالم لأسطورة إسبانيا و هنيئا لكرة القدم العالمية بهذا التراث الذي لا يقدر بثمن.

Comments