فرنسا و كرواتيا الفائزين في مونديال روسيا... الأول بكأس العالم و الثاني بقلوب العالم

عرف نهائي  كأس العالم ضجيجين كبيرين. الأول حول لاعبي فرنسا المجنسين بمعنى غير فرنسيي الأصل، الذين كان لهم الفضل الكبير في إضافة النجمة الثانية إلى قميص الديوك. و قد يعد فوز فرنسا كمكافئة لها على حسن تعاملها و ضيافتها و كرمها و سقلها للمواهب التي عانت و مازال الكثير منها يعاني من اللامبالاة و عدم الإعتراف و التشجيع و تساوي الحظوظ في البلدان الافريقية. و قد يعد أيضا دعوة لدولة فرنسا إلى إنصاف الأجانب عامة و الأجانب المسلمين خاصة. و الثاني حول رئيسة كرواتيا التي كسبت حب الجميع، بتصرفاتها العفوية و بمشاركة مشاعرها الراقية عن طريق عناق كل من وجد بالملعب، من لاعبي كرواتيا و لاعبي فرنسا و حتى الحكام. و أكدت أن كرة القدم ليست بمجرد لعبة فقط بل هي أسمى من ذلك بكثير.
كان طريق فرنسا إلى النهائي مفروشا بالورود، إن استثنينا مباراة الأرجنتين في الثمن النهائي، المباراة الوحيدة التي جرت فرنسا وراء النتيجة. لأن في جل المباريات كانت فرنسا تترك الاستحواذ للخصم و تسجل الأهداف عن طريق المرتدات. و يمكن القول أنها تميزت بالواقعية و غابت عنها الفرجة و غاب عنها الأداء الجميل المتوقع من الترسانة البشرية الموجودة لدى ديشان. و كما قال غريزمان : ليس مهم الطريقة المهم هو الفوز. و لربما الطريقة التي يفوز بها المنتخب الفرنسي استفزت كثيرا مشجعي كرة القدم، خاصة و أنهم يشاهدون هذه البطولة مرة كل أربع سنوات فلا يريدون إلا الاستمتاع بمباريات هجومية من الطرفين.
أما طريق كرواتيا فكان معبدا بقليل من الشوك، حيث تأهل في جميع مباريات خروج المغلوب بعد مئة و عشرين دقيقة. و في كل مباراة يقال أن الفريق لن يكون قادرا على مجاراة اللعب كونه مرهقا، و بتمديد الوقت يستطيع العبور. فعلا فريق خرافي بدنيا. فالكروات أبانوا عن إصرار و عزيمة لم يسبق لها مثيل للذهاب بعيدا في هذه البطولة. فكان لهم ما أرادوا بوصولهم إلى النهائي. و الجميل في الأمر، هو أن مدرب كرواتيا السيد داليش أكد عدم تفاجئه من بلوغهم هذه المرحلة لأنه كان واثقا بقدرات لاعبيه.
لكن المباراة النهائية أثبتت أنه لا وجود للعاطفة و لا تنفع الشجاعة و لا الحماس و لا الحلم في بطولة كهذه. بل الفوز لمن يسجل أكثر أو لمن يتحلى بالواقعية و يستطيع الحفاظ على تقدمه في النتيجة.
هذا المونديال أثبت أن الاسماء و التاريخ لا يؤثران على نتائج المباريات. و أن كرة القدم الحديثة خاصة مع المنتخبات تعتمد على الفريق و المجموعة المتجانسة . و على لسان إنفانتينو رئيس الفيفا : مونديال روسيا أفضل مونديال على الإطلاق، لا من ناحية التنظيم الداخلي : كيفية الدخول إلى الملعب، غرف تغيير الملابس، الصحافة و لا من ناحية التنظيم الخارجي : التجول في الشوارع، المواصلات و الأمن. و نجاح كأس العالم في روسيا يضغ ضغطا كبيرا على قطر في مونديال 2026 لكنها قادرة على إبهار العالم ببنيات تحتية خيالية و بتنظيم لم يسبق له مثيل.

Comments